مما لا شك فيه أن ثورة الاتصالات التي عمت أرجاء المعمورة والمهجورة في هذا الكون لم تكتفي بوجود هاتف منزلي أرضي أو لاسلكي، ولم تكتفي بتليفون جوال محمول خلوي يحمله كل فرد أينما ذهب، ولم تكتفي بنقل الصوت والصورة والبيانات وإنما جعلت وسائل الاتصال بالعالم أيسر من ذلك على كل فرد، ولما كان المارة في الطرقات يحتاجون من وقت لآخر إلى وسيلة للاتصال المحلي أو الدولي قامت شركات الاتصالات بتوفير كبائن للتليفونات في كل شارع وحارة وزقاق وناصية!
والكبائن المتوفرة موفرة فقد تستغني عن الاتصال من خلال هاتفك المحمول إذا ما توفر لديك بطاقة العمل الخاصة بهذه الكبينة أو تلك! ولكن ... هل كل البطاقات أو الكروت العاملة تنتمي إلى شركة واحدة؟ طبعا لا ... طيب كيف يتعرف الكفيف على نوع الكرت؟ هل هناك علامة بارزة ملموسة تميز كل كرت؟
لا يقف الأمر عند التعرف على الكرت المناسب للكبينة المناسبة فربما يعتمد الكفيف في ذلك على حجم الكرت أو الاستعانة بصديق! ولكن المشكل والغريب أن كل كبينة مزودة بشاشة ترحب بالقادم للاتصال، تتغير هذه الشاشة لتعرض قيمة الرصيد المتبقي بالكرت بمجموعة كبيرة من اللغات ومزودة كذلك بعداد للوقت الذي يستهلكه المتكلم بالدقائق، مع ما في دقته من نظر، كما أن آلة الاتصال المثبتة على الكبينة بها مجموعة من الأزرار للتحكم في مستوى الصوت وتغيير لغة الشاشة وإعادة تفعيل الخط وغير ذلك من الأزرار الخدمية في الآلة.
حقيقة أريد إجابة عن الأسئلة التالية للفوز بأحد هذه الكروت، وعلى الذي سيجيب أن يعرف أن الأسئلة جميعها إجبارية وإلا انسحب أفضل له:
• كيف يتعرف الكفيف على كتر شركة من شركات الاتصالات العامة المذكورة؟
• كيف لكفيف أن يتعرف على أزرار الكبينة بدون مساعدة من شخص مبصر؟
• كيف يقرأ الكفيف الرسائل الواردة بشاشة الآلة المثبتة على الكبينة؟
• كيف يعرف الكفيف الرصيد المتبقي في كرته؟
• كيف يتفادى الكفيف الارتطام بأحد هذه الكبائن الموجودة بشكل عشوائي وبارتفاعات تناسب لطم كل رأس طويلا كان أو قصيرا؟
• كيف يستخدم شخص قعيد هذه الكبائن وهي بارتفاع مبالغ فيه؟
• كيف يستخدم هذه الكبائن قصار القامة؟
• كيف يحدد الكفيف ما إذا كانت آلة الاتصال عاملة أو معطلة؟
• كيف تستفيد شركات الاتصالات من هذا المجتمع وهي لا تنظر لهذه الفئات؟
• هل بيع هذه الكروت في كل مكان لا يكفي لتخصيص ميزانية لرعاية هذه الاحتياجات؟
لك أن تتخيل كمية الحوادث التي يغض الطرف عنها الإعلاميون خوفا من القضاء والمحاكم، الحوادث التي تتسبب في موت أو صعق فرد أو أكثر لعدم ملاءمة معايير الأمن الصناعي والجودة والأمان ضد الكهرباء والحريق وغيرها!
الجمعة، ٢٨ ديسمبر ٢٠٠٧
الخميس، ٢٧ ديسمبر ٢٠٠٧
نجاح8 عمليات بمستشفي طنطا الجامعي لإزالة أورام عيون الأطفال بالغربية
نجاح8 عمليات بمستشفي طنطا الجامعي لإزالة أورام عيون الأطفال بالغربية
نشرت جريدة الأهرام اليوم مقالا يحمل هذا العنوان وهذا إنما يعكس اهتمام الناشر بضرورة التوعية والإعلان عن نجاح مثل هذه الإجراءات الطبية في مصر.
شهد مستشفي جامعة طنطا إجراء ثماني عمليات جراحية تخصصية لإزالة أورام حول العين, وإصلاح جحوظ العين في الأطفال من أبناء محافظة الغربية, وهذه العمليات تجري
لأول مرة خارج القاهرة, وتم إجراؤها مجانا ونقلها عبر دوائر الفيديو كونفرانس لتدريب شباب الأطباء بالجامعات المصرية. أجري العمليات فريق طبي بريطاني ـ
مصري بقيادة الدكتور ياسر أبورية الخبير المصري ـ البريطاني في جراحة تجميل العين وتجويفها وأورام عيون الأطفال.
نشرت جريدة الأهرام اليوم مقالا يحمل هذا العنوان وهذا إنما يعكس اهتمام الناشر بضرورة التوعية والإعلان عن نجاح مثل هذه الإجراءات الطبية في مصر.
شهد مستشفي جامعة طنطا إجراء ثماني عمليات جراحية تخصصية لإزالة أورام حول العين, وإصلاح جحوظ العين في الأطفال من أبناء محافظة الغربية, وهذه العمليات تجري
لأول مرة خارج القاهرة, وتم إجراؤها مجانا ونقلها عبر دوائر الفيديو كونفرانس لتدريب شباب الأطباء بالجامعات المصرية. أجري العمليات فريق طبي بريطاني ـ
مصري بقيادة الدكتور ياسر أبورية الخبير المصري ـ البريطاني في جراحة تجميل العين وتجويفها وأورام عيون الأطفال.
الخميس، ١٣ ديسمبر ٢٠٠٧
عيب على كل عاقل أن يقبل هذا الكلام!
عيب على كل عاقل أن يقبل هذا الكلام!
في أول ساعات هذا الصباح فتحت موقع جريدة إخبارية لكم قرأت وتمتعت بما تنشره لقرائها ومتصفحيها، الجريدة تباع يوميا وتنشر على الإنترنت كذلك وموقعها معروف للكثيرين على الإنترنت.
بالجريدة باب خاص بالمرأة والطفل، وهذا أمر يدعو للإطراء حيث الاهتمام بالمرأة والطفل في بلاد لا تعرف الاهتمام بأحد!
الغريب أن تنشر الجريدة خبرا بخصوص الاحتفال باليوم العالمي لمتحدي الإعاقة بالمركز الثقافي الفرنسي داخل هذا الباب وكأن كل متحدي الإعاقة أطفال أو عيال.
شيئ غريب أن الاهتمام بمتحدي الإعاقة من المكفوفين والصم والمعاقين حركيا يندرج تحت الاهتمامات الخاصة بالمرأة والطفل، مع كل الاحترام للمرأة والتوقير للطفل ولكن: كيف يوضع استاذ الجامعة الكفيف مع طفل صغير، وكيف يوضع التكنولوجي والمدرس والرياضي والسياسي من ذوي الاحتياجات الخاصة مع فئة أخرى لا تمت لهم إلا بصلة القرابة.
أليس من الإنصاف أن نعرف لكل فرد حقه في الاحترام؟ أليس حري بنا أن نفهم، ونحن بلد الحضارة الأولى، أن النقص إنما يكون في الإدراك والعقل وليس في الخلقة؟
آه من ثقافتنا الغريبة التي أضحت تضج بكل منطق ويضج بها كل ناطق!
في أول ساعات هذا الصباح فتحت موقع جريدة إخبارية لكم قرأت وتمتعت بما تنشره لقرائها ومتصفحيها، الجريدة تباع يوميا وتنشر على الإنترنت كذلك وموقعها معروف للكثيرين على الإنترنت.
بالجريدة باب خاص بالمرأة والطفل، وهذا أمر يدعو للإطراء حيث الاهتمام بالمرأة والطفل في بلاد لا تعرف الاهتمام بأحد!
الغريب أن تنشر الجريدة خبرا بخصوص الاحتفال باليوم العالمي لمتحدي الإعاقة بالمركز الثقافي الفرنسي داخل هذا الباب وكأن كل متحدي الإعاقة أطفال أو عيال.
شيئ غريب أن الاهتمام بمتحدي الإعاقة من المكفوفين والصم والمعاقين حركيا يندرج تحت الاهتمامات الخاصة بالمرأة والطفل، مع كل الاحترام للمرأة والتوقير للطفل ولكن: كيف يوضع استاذ الجامعة الكفيف مع طفل صغير، وكيف يوضع التكنولوجي والمدرس والرياضي والسياسي من ذوي الاحتياجات الخاصة مع فئة أخرى لا تمت لهم إلا بصلة القرابة.
أليس من الإنصاف أن نعرف لكل فرد حقه في الاحترام؟ أليس حري بنا أن نفهم، ونحن بلد الحضارة الأولى، أن النقص إنما يكون في الإدراك والعقل وليس في الخلقة؟
آه من ثقافتنا الغريبة التي أضحت تضج بكل منطق ويضج بها كل ناطق!
السبت، ٨ ديسمبر ٢٠٠٧
البصر بين المرض والإعاقة
البصر بين المرض والإعاقة
مما لا شك فيه أن الأطباء أو دارسي الطب هم الفئة الأولى القادرة على الوقوف على تعريف لمصطلح المرض البصري والتفريق بين الأمراض التي تصيب النظر وبين الإعاقة التي يولد الإنسان بها وتظل معه أو تتطور لتصبح إعاقة أو فاقدي البصر بسبب عمليات حربية أو ما إلى ذلك.
إلا أن أطباء العيون لا يكادون ينظرون إلى هذا الفرق بين المصطلحين فمنهم من يدرك الإعاقة البصرية على أنها مرض ومنهم من ينظر إلى بعض أمراض العيون على أنها إعاقة لاختلاط المعنى بين المفهومين اصطلاحا.
وفي هذا المضمار يعاني المرضى والمكفوفون والأطباء لسوء الفهم القائم بينهم في معرفة الفرق بين المرض البصري والإعاقة البصرية.
أما عن المرض البصري فهو عبارة عن إصابة تحدث للشخص في عينه أو عينيه نتيجة لعدوى أو إرهاق في النظر أو حادث نتج عنه تهتك أو تهشم في أي جزء تابع للعين أو انتقل له هذا المرض وراثة من أحد أقربائه، والمرض البصري ممكن أن تتم معالجته وممكن أن يكون سببا في إعاقة بصرية أما الإعاقة البصرية فهي قصور أو إخفاق العين، أو أي من مكوناتها، في إدراك الأشياء عن طريق الرؤية المباشرة، والإعاقة يولد بها الإنسان أو تكون نتيجة لمرض بصري مزمن لا يمكن علاجه. ومن أهم المعايير التي يقاس بها الفرق بين المرض البصري والإعاقة البصرية أن المرض البصري يمكن علاجه أو تحسين أداء العين على رغم ملازمته لصاحبه، أما الإعاقة البصرية فهي، في الغالب، ثابتة لا تقبل العلاج وربما تأتي على ما بقي من بصر لصاحبها.
والعين البشرية ما بين الجسم الزجاجي والقرنية والشبكية والعصب البصري تمثل ركيزة أساسية في حياة أي فرد سوي بدنيا فهي من أهم الأدوات التي تساعد على الإدراك الكلي للأشياء من خلال رؤية مباشرة، فالسامع لصوت زئير الأسد ربما لا يتخيل حجمه أو دقائق صفاته البدنية، ولأن السامع لصوت زئير الأسد لا يمكنه لمسه أو الإمساك به والتدقيق في ثنايا جسده فإنه يستخدم الإغلاق النفسي في رسم صورة من وحي الخيال للأسد ربما تتوافق والصورة الحقيقية الموجودة في الطبيعة أو تخالفها. وهذا مثال آخر أسوقه إليكم لكي ندرك الفرق بين الإدراك الكلي والجزئي للأشياء، فهذه منضدة صغيرة عليها جهاز حاسب شخصي: إذا وضع الكفيف يده عليها من أحد أطرافها لتبين أنها منضدة كالتي يأكل عليها الطعام أو يستذكر عليها دروسه إلا أنه بعد أن قام بفحصها بيده جزء جزء أدرك أنها منضدة خاصة بحاسب شخصي موجود عليها! وعلى الجانب الآخر شخص سوي بصريا يرى المنضدة من بعيد ويرى أن عليها حاسب شخصي لا قبل له بفحصها ولمسها بل أدركها بالكلية منذ وقع بصره عليها على أنها منضدة وعليها حاسب شخصي. وعلى ذلك فإن البصر يعين على الإدراك الكلي للصور والأشياء المحيطة بخلاف اللمس.
والعين البشرية لها حدود في الرؤية فهي لا تدرك الأشياء الموجودة خارج إطار الحجرة مثل الأذن التي تسمع المارة في الشارع فالعين لا ترى القلب ولكن الأذن تسمعه، والعين لا تدرك حرارة الجسم وإنما يدركها اللمس، والعين لا يمكنها إدراك مذاق شيئ نأكله وإنما اللسان يدرك حلاوة أو مرارة المأكولات. كما أن هناك فروق فردية في رؤية الأشياء فمن الالناظرين من لا يمكنه رؤية الأشياء الدقيقة والمتناهية في الصغر، ومنهم من لا يرى النجوم البعيدة، ومنهم من لا يكاد يرى إلا الضوء، ومنهم من لا يرى إلا الخيال الناتج عن سقوط الضوء على الأشياء، والناس في درجات بصرهم يتعددون ويختلفون، لهذا رصد الأطباء ظواهر اختلاف إدراك العين ووضعوا المقاييس التي يحكمون بها على الرائي في قدرته على الإبصار والمنطقة التي يمكن لعينه الوصول لإدراكها.
لما كانت الكتابة والقراءة تحتاج إلى البصر في الإدراك ظن جل الأسوياء بصريا أن فاقدي البصر جهلاء أو أغبياء ولم ينتبهوا لقدراتهم الهائلة والبارعة في حفظ المسموع واستبدال المطبوع من العلم بالتلقي على يد أستاذ أو مرشد أو قارئ ومرافق، وظهرت لنا طرق جديدة في الكتابة للمكفوفين أو فاقدي البصر مثل طريقة برايل التي تستخدم الخط البارز في تدوين البيانات والمعلومات وبالتالي إمكانية استرجاعها، وكذلك الكتابة الألكترونية باستخدام الحاسبات الآلية التي أضحت حديث معظم أهل الأرض من البشر. فمع وجود قارئ ألكتروني لشاشة الحاسب بأغلب لغاتنا الطبيعية صار الكفيف يستخدم الحاسب بمهارة فائقة وصار الحاسب بالنسبة له نافذة يفتحها متى يريد وبالطريقة التي يريد، ولهذا السبب اعتبر أطباء العيون البرامج القارئة للشاشة أحد الوسائل المعينة على التكيف مع المجتمع ويصفونها للكفيف أو فاقد البصر على أنها أداة يستخدمها مثلها في ذلك مثل النظارة أو الدهان أو أي علاج يصفه في روشيتته الطبية.
إن معرفة الفرق بين المرض البصري والإعاقة يساعد الطبيب المعالج على إرشاد المريض أو الكفيف إلى أفضل طرق العلاج التي ربما تكون عصا يستخدمها في مشيه في الشارع أو ساعة ناطقة يعرف بها الوقت أو محمول يصف له ألوان ملابسه أو حاسب يطالع به الجرائد، فالعلاج ليس دائما بالكمياء أو بالأعشاب وإنما يمكن أن يكون العلاج كالذي ذكرت لكم، وحري بالطبيب ألا يهمل من كان كفيفا بدعوى أن لا أمل في أن يرد إليه بصره ولكن يجب على الطبيب أن يدرك أن إدراكه هو المفتاح السحري الذي يساعد الكفيف على تقبل إعاقته ولزوم السواء النفسي بدلا من الانحراف أو التردي، كما يجب عليه أيضا الإحاطة بآخر ما توصل إليه رواد التكنولوجيا في العالم لخلق وسائل تعويضية أو تكميلية لتوظيف طاقات الأكفاء حول العالم وتنمية قدراتهم واستغلال إنتاجيتهم.
مما لا شك فيه أن الأطباء أو دارسي الطب هم الفئة الأولى القادرة على الوقوف على تعريف لمصطلح المرض البصري والتفريق بين الأمراض التي تصيب النظر وبين الإعاقة التي يولد الإنسان بها وتظل معه أو تتطور لتصبح إعاقة أو فاقدي البصر بسبب عمليات حربية أو ما إلى ذلك.
إلا أن أطباء العيون لا يكادون ينظرون إلى هذا الفرق بين المصطلحين فمنهم من يدرك الإعاقة البصرية على أنها مرض ومنهم من ينظر إلى بعض أمراض العيون على أنها إعاقة لاختلاط المعنى بين المفهومين اصطلاحا.
وفي هذا المضمار يعاني المرضى والمكفوفون والأطباء لسوء الفهم القائم بينهم في معرفة الفرق بين المرض البصري والإعاقة البصرية.
أما عن المرض البصري فهو عبارة عن إصابة تحدث للشخص في عينه أو عينيه نتيجة لعدوى أو إرهاق في النظر أو حادث نتج عنه تهتك أو تهشم في أي جزء تابع للعين أو انتقل له هذا المرض وراثة من أحد أقربائه، والمرض البصري ممكن أن تتم معالجته وممكن أن يكون سببا في إعاقة بصرية أما الإعاقة البصرية فهي قصور أو إخفاق العين، أو أي من مكوناتها، في إدراك الأشياء عن طريق الرؤية المباشرة، والإعاقة يولد بها الإنسان أو تكون نتيجة لمرض بصري مزمن لا يمكن علاجه. ومن أهم المعايير التي يقاس بها الفرق بين المرض البصري والإعاقة البصرية أن المرض البصري يمكن علاجه أو تحسين أداء العين على رغم ملازمته لصاحبه، أما الإعاقة البصرية فهي، في الغالب، ثابتة لا تقبل العلاج وربما تأتي على ما بقي من بصر لصاحبها.
والعين البشرية ما بين الجسم الزجاجي والقرنية والشبكية والعصب البصري تمثل ركيزة أساسية في حياة أي فرد سوي بدنيا فهي من أهم الأدوات التي تساعد على الإدراك الكلي للأشياء من خلال رؤية مباشرة، فالسامع لصوت زئير الأسد ربما لا يتخيل حجمه أو دقائق صفاته البدنية، ولأن السامع لصوت زئير الأسد لا يمكنه لمسه أو الإمساك به والتدقيق في ثنايا جسده فإنه يستخدم الإغلاق النفسي في رسم صورة من وحي الخيال للأسد ربما تتوافق والصورة الحقيقية الموجودة في الطبيعة أو تخالفها. وهذا مثال آخر أسوقه إليكم لكي ندرك الفرق بين الإدراك الكلي والجزئي للأشياء، فهذه منضدة صغيرة عليها جهاز حاسب شخصي: إذا وضع الكفيف يده عليها من أحد أطرافها لتبين أنها منضدة كالتي يأكل عليها الطعام أو يستذكر عليها دروسه إلا أنه بعد أن قام بفحصها بيده جزء جزء أدرك أنها منضدة خاصة بحاسب شخصي موجود عليها! وعلى الجانب الآخر شخص سوي بصريا يرى المنضدة من بعيد ويرى أن عليها حاسب شخصي لا قبل له بفحصها ولمسها بل أدركها بالكلية منذ وقع بصره عليها على أنها منضدة وعليها حاسب شخصي. وعلى ذلك فإن البصر يعين على الإدراك الكلي للصور والأشياء المحيطة بخلاف اللمس.
والعين البشرية لها حدود في الرؤية فهي لا تدرك الأشياء الموجودة خارج إطار الحجرة مثل الأذن التي تسمع المارة في الشارع فالعين لا ترى القلب ولكن الأذن تسمعه، والعين لا تدرك حرارة الجسم وإنما يدركها اللمس، والعين لا يمكنها إدراك مذاق شيئ نأكله وإنما اللسان يدرك حلاوة أو مرارة المأكولات. كما أن هناك فروق فردية في رؤية الأشياء فمن الالناظرين من لا يمكنه رؤية الأشياء الدقيقة والمتناهية في الصغر، ومنهم من لا يرى النجوم البعيدة، ومنهم من لا يكاد يرى إلا الضوء، ومنهم من لا يرى إلا الخيال الناتج عن سقوط الضوء على الأشياء، والناس في درجات بصرهم يتعددون ويختلفون، لهذا رصد الأطباء ظواهر اختلاف إدراك العين ووضعوا المقاييس التي يحكمون بها على الرائي في قدرته على الإبصار والمنطقة التي يمكن لعينه الوصول لإدراكها.
لما كانت الكتابة والقراءة تحتاج إلى البصر في الإدراك ظن جل الأسوياء بصريا أن فاقدي البصر جهلاء أو أغبياء ولم ينتبهوا لقدراتهم الهائلة والبارعة في حفظ المسموع واستبدال المطبوع من العلم بالتلقي على يد أستاذ أو مرشد أو قارئ ومرافق، وظهرت لنا طرق جديدة في الكتابة للمكفوفين أو فاقدي البصر مثل طريقة برايل التي تستخدم الخط البارز في تدوين البيانات والمعلومات وبالتالي إمكانية استرجاعها، وكذلك الكتابة الألكترونية باستخدام الحاسبات الآلية التي أضحت حديث معظم أهل الأرض من البشر. فمع وجود قارئ ألكتروني لشاشة الحاسب بأغلب لغاتنا الطبيعية صار الكفيف يستخدم الحاسب بمهارة فائقة وصار الحاسب بالنسبة له نافذة يفتحها متى يريد وبالطريقة التي يريد، ولهذا السبب اعتبر أطباء العيون البرامج القارئة للشاشة أحد الوسائل المعينة على التكيف مع المجتمع ويصفونها للكفيف أو فاقد البصر على أنها أداة يستخدمها مثلها في ذلك مثل النظارة أو الدهان أو أي علاج يصفه في روشيتته الطبية.
إن معرفة الفرق بين المرض البصري والإعاقة يساعد الطبيب المعالج على إرشاد المريض أو الكفيف إلى أفضل طرق العلاج التي ربما تكون عصا يستخدمها في مشيه في الشارع أو ساعة ناطقة يعرف بها الوقت أو محمول يصف له ألوان ملابسه أو حاسب يطالع به الجرائد، فالعلاج ليس دائما بالكمياء أو بالأعشاب وإنما يمكن أن يكون العلاج كالذي ذكرت لكم، وحري بالطبيب ألا يهمل من كان كفيفا بدعوى أن لا أمل في أن يرد إليه بصره ولكن يجب على الطبيب أن يدرك أن إدراكه هو المفتاح السحري الذي يساعد الكفيف على تقبل إعاقته ولزوم السواء النفسي بدلا من الانحراف أو التردي، كما يجب عليه أيضا الإحاطة بآخر ما توصل إليه رواد التكنولوجيا في العالم لخلق وسائل تعويضية أو تكميلية لتوظيف طاقات الأكفاء حول العالم وتنمية قدراتهم واستغلال إنتاجيتهم.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
مدونات صديقة
مرجع المقالات السابقة
- أبريل 2009 (1)
- نوفمبر 2008 (1)
- سبتمبر 2008 (1)
- أبريل 2008 (2)
- فبراير 2008 (2)
- يناير 2008 (1)
- ديسمبر 2007 (4)
- نوفمبر 2007 (3)
- أكتوبر 2007 (5)
- سبتمبر 2007 (1)