السبت، ٢٦ أبريل ٢٠٠٨

شرعية التوقيع

كثيرا ما تعرضت لضرورة التوقيع (الإمضاء) على أوراق رسمية في مؤسسات حكومية أو بنوك أو مؤسسات غير حكومية أو غير ذلك من المكاتب التي أتردد عليها لإتمام أعمالي أو تحصيل ما يستحق دفعه لي مقابل عمل أديته.
وفي كل مرة يطلب مني المسؤول أو الموظف توقيعي على استمارة يحررها هو أو يطلب مني تحريرها، فما يكون مني إلا الاسترشاد بالمرافق أو بأحد الموظفين للتوقيع بدلا من أن أفعل، ذلك لأنني وببساطة لا أجيد الكتابة التقليدية باستخدام الأقلام فأنا أجيد الحاسب وأجيد أكثر من لغة وحاصل على ليسانس الآداب ومترجم ولكنني لا أعرف كيف أوقع على المستندات لأنني كفيف أكتب بالخط البارز أو بالكمبيوتر فحسب وليس لدي أي خبرة في الكتابة العادية.
والحل الآخر أن أستخدم (الختم) الذي يستخدمه الأميون الذين لا يعرفون الكتابة أو القراءة! والختم يقضي بوجود محبرة يغمس فيها ثم يطبع على الورق بالحبر نص ما هو مكتوب عليه وهو في هذه الحالة اسمي بالكامل أو توقيعي. ويظل الموظف أحيانا يناشد زملاءه الموظفين للبحث عن ختامة أو محبرة والكل يتساءل ويندهش لهذا الأستاذ المرتدي لباس الأناقة واللياقة الذي لا يستطيع التوقيع! وهنا أقف أنا في خجل وشعور بالعار والدونية لما أبدو عليه من قلة الحيلة في إمكانية التوقيع.

وهنا أفكر كثيرا! لماذا لم أتعلم التوقيع بالخط العادي المستخدم في كافة المصالح العامة والخاصة؟ لماذا لم يسع العاملين في مجال التأهيل لذوي الإعاقة البصرية على تنمية قدرات المكفوفين بشكل مستساغ لدرئ الحرج والخزي عن مثقفي هذه الفئة ومتعلميهم.

تعلمت بعد ذلك التوقيع بالإنجليزية لأبدو أنيقا ووجيها خاصة عندما طلبت مني إحدى الجهات الأجنبية صورة إلكترونية لتوقيعي باعتباري عضو في مجلس إدارة هذه الجهة! ولكنني ما زلت أعجب لما يبدو عليه المكفوفون في بلادي وربما في الكثير من بلدان العالم فلماذا لا يتعلم الكفيف طريقة للتوقيع تغنيه عن سؤال الناس، لماذا لا يتشجع أولي المعرفة على رصد هذه الظواهر التي تنخر في الشعور بتقدير الذات لدى هذه الفئة.

من المحتمل أن يرد أحدهم بقوله: وكيف يأمن الكفيف على نفسه إذ أنه لا يمكنه قراءة البيانات الواردة والتي سيقوم بالتوقيع عليها؟
أقول له: وكيف تضمن له صحة التوقيع باستخدام الختم أو الأكلاشيه؟

الأمر يحتاج لتعاون قانوني واجتماعي للوصول إلى حل منطقي قانوني عملي مفيد.